وائل المصري مدير الموقع
تاريخ التسجيل : 25/04/2010 عدد المساهمات : 1314 نقاط : 3327 السٌّمعَة : -1
| موضوع: رجال الدين في تتارستان يصفقون للفن والسينما وفي مصر يتبارون في تحريمه الأحد سبتمبر 26, 2010 7:38 pm | |
| في الوقت الذي يتدخل فيه رجال الدين الإسلامي والمسيحي في الفن المصري بصورة رقابية ويتنافسون في تحريمة، يأتي رجال دين آخرون لدعمه والاعلاء من شأنه ولكن ليس في مصر هذه المرة وإنما في جمهورية تتارستان - وهي واحدة من الجمهوريات الإسلامية التي استقلت عن روسيا في العام 1992 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. تقع تتارستان علي جبال الاورال الفاصلة بين أسيا وأوروبا وتقدم في مهرجانها السينمائي الذي اختتم أعماله الاسبوع الماضي تجربة تستحق التأمل والوقوف أمامها طويلا فهي واحدة من مبادرات التسامح الحقيقية التي تجعل من الفن وسيطا في التنمية البشرية.
المهرجان الذي أقيمت فاعليات دورته السادسة خلال الفترة من 15 إلي 19 الشهر الجاري ترعاه وزارة الثقافة في تتارستان بمشاركة مجلس المفتيين الروس ويحمل عنوان "مهرجان قازان السينمائي الدولي" لديه رسالة أخري الي جانب رسالته الفنية وتقوم هذه الرسالة تحديدا علي تحقيق سبل التواصل مع العالم العربي والإسلامي، ويعلم القائمون علي المهرجان المكانة التي يحتلها الدين في عالمنا لذلك يوجهون عنايتهم قدر الامكان إلي أفلام لديها الطابع السجالي الذي يفتح نقاشات حول موقع الدين في المجتمعات العربية والاسلامية لذلك لم يكن اختيار فيلم "واحد صفر" للمشاركة في المهرجان اختيارا عشوائيا، فالفيلم الذي لعبت بطولته الفنانة الهام شاهين والتي شاركت في حضور الفعاليات يناقش أسئلة جذرية علي الصعيد الاجتماعي وهي غير بعيدة عن الفهم المغلوط للنصوص الدينية، وهذه القضية تحديداً علي رأس أولويات المهرجان الذي اختار افلاما وصل عددها إلي 51 فيلماً من 28 دولة في العالم، عكست كلها قيما روحية واخلاقية وإنسانية مشتركة وتقاليد ثقافية، تحمل في طياتها مضمون فكرة السلام والتسامح، بعيداً عن معتقدات صناعها..
وكان من المدهش لي طوال أيام المهرجان الخمسة تتبع حضورً الاسلام كقرين للتسامح داخل القاعات، إذ تجاور رجال الدين المسلمين مع رجال الدين المسيحي، وكانوا يتسابقون جميعًا لمشاهدة الأفلام وإبداء الرأي فيها خلال الندوات والحوارات الجانبية والاهم من النقاش أنه يتجاوز عن "التأويل الديني" سعيا وراء قراءة فنية تتسم بالعمق والتسامح وقبول الاختلاف بهدف تعزيز صورة الدين بعيدا عن العنف والتناحر الطائفي الذي تتبناه جماعات كثيرة في العالم..
لذلك لا تندهش عزيزي القاريء وانت تعلم أن رجال الدين في جمهورية تتارستان، هم القائمون علي تنظيم المهرجان ودعمه بمختلف الصور والاهم ان هذا البلد لا يعرف الرقابة الدينية أو المجتمعية، لان المجتمع الرشيد قادر علي تصحيح أخطائه بالممارسة كما قال لي أحد رجال الدين الذين التقيتهم مع رئيس مجلس المفتيين الروس "الشيخ راوي عين الدين" ذ مفتي روسيا - الذي كان يقف فرحاً ومبتسماً، وهو يفتتح مهرجاناً للسينما، باعتباره شكلاً من أشكال مد الجسور والتواصل بين الدين الإسلامي والديانات الاخري، وليس فقط عن طريق الخطاب الديني في المساجد..
حضور الشيخ راوي عين الدين ذ مفتي روسيا - لم يكن مقصوراً علي حفل الافتتاح البروتوكولي الذي بدأه بـ"البسملة" والصلاة والسلام علي النبي محمد وإنما امتد إلي مشاركة نشطة خلال الفعاليات إذ كان دائم الحضور والتصفيق لفنانين من روسيا وتتارستان شاركوا في المهرجان.
عين الدين قال لي "من المهم أن تقوم الأفلام بتوصيل رسالة روحية هي الأخري، تعيننا علي إصلاح المجتمع وفهم الصورة الحقيقية للدين، ومعرفة كيف يفكر الإنسان المسلم في كافة المجتمعات، وكيف يتعايش مع ديانات أخري، في سلام ومودة، وهو ما يوجد في تتارستان، حيث تتعايش ديانات عدة في بلد إسلامية".
يتابع عين الدين مؤكدا: لا يوجد ما يسمي بالعنف الطائفي، ولا التفرقة بين المسلم والمسيحي ولا اليهودي." ولعل شعار المهرجان في دورته السادسة "عبر حوار الثقافات إلي ثقافة الحوار" جاء ليؤكد عمليا الفكرة التي طرحها عين الدين ويكشف عن طموح المنظمين في تحويل المهرجان إلي منتدي سينمائي وثقافي لصناع السينما في العالم، إذ شارك عدد كبير من نجوم السينما في العالم وأشهرها الممثل الأمريكي الشهير "أدريان برودي" والحاصل علي اوسكار أحسن ممثل عن دوره في فيلم عازف البيانو.
ورغم قلة عدد الأفلام، إلا ان جمهور قازان ذ عاصمة جمهورية تتارستان - بدا أكثر تحمسا لمتابعة الفعاليات مقارنة بالسنوات السابقة والتي يري مراد عبد القادر سكاكمية" وهو جزائري الأصل ويعمل مديرا للعلاقات العامة بالمهرجان".
إنها سنوات تأسيسية أما اليوم فقد بني المهرجان تقليد مع الجمهور الذي كان يحتشد علي أبواب قاعات العرض السينمائي في مجمع ذ رينودا- الذي يتوسط شارع باومنا وسط مدينة قازان وهو حماس أكد من جديد كيف ان الجمهور التتاري عاشق للسينما، رغم قلة عدد الأفلام التي تتواجد طوال العام في دور العرض السينمائية..
والمدهش أيضاً، ان يتجاوب هذا الجمهور ذ الذي لايتحدث إلا اللغة التتارية وهي لغته الاصلية، إلي جانب الروسية- مع الأفلام العربية، علي الأخص المصرية، والتي شاركت به، حيث احتشد ما يقرب من 1000 تتاري، من فئات عمرية مختلفة بين الطلبة والشباب ورجال وسيدات كبار في السن، لمشاهدة الفيلمين المصريين، الأول "واحد صفر" والذي مثل مصر في مسابقة الافلام الروائية الطويلة، وحصل علي جائزة خاصة، حيث افترش الكثيرون قاعة السينما، علي الأرض والسلالم المجاورة للمقاعد، لدرجة ان إدارة المهرجان، أقامت ثلاثة عروض اخري للفيلم في يوم واحد، نظراً للإقبال الجماهيري والمفاجئ للفيلم..كما لاقي الفيلم الروائي القصير "أحمر باهت" للمخرج الشاب محمد حماد، قبولا رائعا من جانب الجمهور الذي عبر عن سعادته بالتصفيق المتواصل مع فوز الفيلم بجائزة أفضل فيلم روائي قصير في المهرجان..
ومن ناحية أخري تميزت هذه الدورة بوجود تنوع وتوازن في محتوي الأفلام المشاركة والمعروضة، والتي يرجع الفضل في اختيارها إلي سكاكمية إذ بذل مجهودا كبيرا في الحصول عليها بدعم غير محدود من وزارة الثقافة التتارية، والتي تضع المهرجان في قمة مشروعاتها الثقافية، والذي يعتبر من أول الطرق لكي يعرف العالم الكثير عن قازان- عاصمة جمهورية تتارستان. كما قالت لي وزيرة الثقافة التتارية (زيليا فاليفا).
والتي أكدت أن الأفلام التي تعرض تتسم بالتنوع الثقافي الخلاق، فإلي جانب الافلام التي تظهر ثقافات العالم الإسلامي، حضرت أفلام من بلدان اخري ذ غير مسلمة - مثل الهند وامريكا بالإضافة إلي روسيا، وبعض الدول المجاورة لها مثل اوزبكستان وإيران..
وللمرة الاولي، حضرت السينما العربية بشكل مميز جداً إذ شاركت الجزائر والاردن وفلسطين ومصر والسعودية وتونس والبحرين..كما جاءت جوائز المهرجان، بدون تحيز للبلدان المجاورة لروسيا وتتارستان، علي عكس الدورات السابقة، والتي كانت غالباً ما تتحكم المصالح السياسية والاقتصادية فيها، ويذهب أغلبها إلي إيران.. | |
|
مجدي نابلس نائب مدير المنتدي
تاريخ التسجيل : 29/04/2010 عدد المساهمات : 3472 نقاط : 4375 السٌّمعَة : 2
| موضوع: رد: رجال الدين في تتارستان يصفقون للفن والسينما وفي مصر يتبارون في تحريمه الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 6:59 pm | |
| | |
|